مهندس سوري يبتكر أجهزة الكترونية تساعد المعوقين في تركيا
تمكّن المهندس السوري “محمد ضياء ادريس” من ابتكار العديد من الوسائل الإلكترونية التي تسهل حياة المعوقين وتكسر حاجز العزلة لديهم في ظل الصعوبات التي يعانونها في التعامل مع الوسط المحيط، ومنها عصا ذكية تعمل على حساسات الكترونية لفاقدي البصر، موصولة بكف قماشي بداخله دارات الكترونية ويعمل بالإهتزازات، تساعد المكفوفين على تلمس ما حولهم. وتوصل “محمد ضياء ادريس” كذلك لعلاج الخلايا السرطانية باستخدام جزيئات نانو الذهب وغيرها من الإبتكارات.
ينحدر إدريس من حي بابا عمر الحمصي، درس الثانوية العلمية في مدارس حمص واضطر لترك الدراسة لظروف خاصة قبل أن ينتقل إلى دمشق ويتابع دراسته، وانتقل بعدها إلى تركيا وبدأ تعلم اللغة التركية التي بدأها من الصفر في مركز “التومر” “غازي عنتاب” وتمكن من الحصول على المركز الأول على دفعته ليلتحق بعدها بجامعة “باموك كالي” فرع الهندسة الطبية الحيوية الذي أتاح له امكانيات الإبتكار نظراً لتنوع هذا الفرع الهندسي من الكهرباء إلى الميكانيك إلى التشريح الاناتومي وصولاً إلى الهندسة البيولوجية مضيفاً أنه كان على علاقة جيدة بدكاترة اختصاصه ودأب على تداول الأفكار العلمية والإبتكارية معهم ومنها إمكانية صناعة الأعضاء والأنسجة الاصطناعية من المواد البلاستيكية الحيوية فعرض على أحد الدكاترة فكرة استخدام جزيئات النانو لتطوير أنسجة عضوية أو حيوية لاستخدامها في مساعدة الأشخاص المصابين بالتلف بهذه الأنسجة.
ومن هنا كانت انطلاقة ادريس في مجال الإبتكار والاختبارات، وكانت فكرته-كما يقول- استخدام مجموعة من المواد الكيماوية البولمارية البلاستيكية لتطوير نسيج عظمي يمكن أن يحل محل النسيج العظمي التالف والموجود في جسم الإنسان.
ويتكون النسيج العظمي الصناعي من مواد كيميائية مستخلصة من مواد طبيعية مثل “الهيدروكسي” “أباتيت” و”الكيتوسان” وأبعاد جزيئاتها من مستوى النانو متر.
ولفت إلى أنه راعى أن يكون هذا النسيج متلائماً مع الجسم مع مراعاة أن تكون المواد المستخدمة فيه غير سامة وبنيتها شبيهة ببنية العظام ومسامية بحيث تكون أبعاد المسامات فيها قريبة الشبه من الأبعاد في جسم الإنسان أي 100 ميكرو أو أقل.
أثناء دراسته الجامعية انضم الشاب العشريني إلى “تجمع مستقبل بلا إعاقة” الذي يتولى مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من مشلولين ومكفوفين وغيرهم في التكيف مع حياتهم، وفي الاحتفال باليوم العالمي للمعاقين العام الماضي 2018 تم طرح مسابقة علمية لأفضل فكرة تساعد هؤلاء الأشخاص في حياتهم اليومية، فتقدم ادريس مع عدد من زملائه بمشروع يمكّن الأشخاص المكفوفين من وضع تصور للوسط المحيط بهم (سيموليشن) وهو عبارة عن “عصا الكترونية” مزودة بحساسات وتعمل وفق الموجات فوق الصوتية، وعندما تقترب هذه الحساسات من جسم أو حائط تلتقط هذا الجسم وتعطي إشارة عنه للكفيف،
وكذلك إذا كانت هناك حفرة أو عائق أو انخفاض أو ارتفاع يستطيع تمييز المكان،
وتم –كما يقول- وضع حساس أسفل العصا يعمل على الأشعة تحت الحمراء “ريكا” وهي أدق من الأمواج فوق الصوتية ويمكن التقاط المسافة في مجال 10 سم وهو ما يناسب الشخص الذي يستخدم العصا ويستطيع من خلالها اكتشاف العوائق أو الحفر.
ولفت ادريس إلى أن ما يميز هذا الابتكار إمكانية نقل الاهتزازات والمعلومات من خلال كف قماشي يلبسه المريض في يده وعندما تعترض الشخص المكفوف حفرة يهتز الكف من الأسفل فينتبه لوجودها، وأشار ضياء إلى أنه أضاف للعصا 6 حساسات للأمواج فوق الصوتية 3 في القسم الأعلى و3 في القسم الأسفل حيث تغطي مجال 120 درجة لمسافة 2 م ويساعد هذا الابتكار المعوق على التحرك بسهولة وأريحية.
ونالت الفكرة الجائزة الأولى في مسابقة التطوير التي أُقيمت على هامش الإحتفال باليوم العالمي للمعوقين ضمن نشاط بعنوان “مهن تتخطى الإعاقة”. كما شارك إدريس بابتكاره في ملتقى uninanoworkshop الذي ضم جامعات من كل أنحاء العالم كإيطاليا واليونان وتركيا.
المخترع الشاب لفت إلى أن لديه ابتكاراً حول استعمال جزيئات الذهب في نقل علاج فعال ضد الخلايا السرطانية الموجودة في الجسم إذ تعتبر جزيئات نانو الذهب –كما يقول- ناقلات فعالة للعلاج بشكل عام وذلك بسبب حجمها الصغير الذي يسمح لها التحرك بأريحية داخل الجسم والأوعية ولأنها غير سامة ولا تسبب أي رد فعل مناعي من الجسم،
وأبان محدثنا أنه بالإمكان ربط هذه الجزيئات بسهولة مع الأجسام المضادة للسرطان والتي تتعقب الخلايا السرطانية بسهولة والالتصاق بالسطح الخارجي للخلايا المستهدفة والقضاء عليها، ويمكن تعقب هذه الجزيئات ورؤيتها باستخدام الرنين المغناطيسي باعتبار أن الذهب من المعادن ويمكن رؤيته ضمن مجال مغناطيسي فعال، ولديه –كما يقول- مشروع آخر لتنقية المياه باستخدام جزيئات النانو ومواد كيميائية أخرى.
ويطمح ضياء إلى إكمال طريقه العلمي وأن يكون ناجحاً –كما يقول- ويساهم بابتكارات تسهل حياة الناس وبخاصة المعوقين، وأن يكون قادراً على صناعة الفارق من خلال الإبتكارات والأفكار التي يقدمها دوماً وأن يجد الدعم اللازم لتمويلها وإخراجها إلى النور.
للمزيد من مقالات التى تسلط الضوء على نجاحات السوررين في بلاد المهجر يرجى زيارة الصفحة : قصص نجاح